هل خطر ببالك ذات يوم وأنت تخضع لفحص طبيبك بواسطة سماعته أن تعرف عن تاريخها ومن قام باختراعها؟، ربما لا يخطر على بالنا سؤال كهذا، رغم عظمة هذا الاختراع، لأنه أصبح جزءاً لا يتجزأ من الطبيب، وربما هي أشهر أداة ترتبط في أذهاننا به، فلا نكاد نتذكر طبيبنا إلّا ونجد صورته مترافقة مع سماعته المتدلية على جانبي كتفيه، فمن الذي قدم للبشرية هذا الاختراع العظيم، وكيف كان ذلك؟

استدعي الدكتور “رينيه لاينك” في عام 1816 لفحص فتاة عمرها 9 سنوات من مرض في قلبها. وأبت الفتاة أن تسمح
للطبيب بوضع أذنه على صدرها كما جرت العادة في ذلك الحين ولم تفلح امها باقناعها بالامر
فتصادف أن وجد بجوارها صحيفةفقام الدكتور بلفها على شكل أسطوانة ، ووضع طرفاً منها على ظهرها والطرف الاخر على أذنه ، فدهش حين سمع دقات القلب بوضوح، وما أن فرغ من فحصها حتى كانت قد اختمرت في راسه فكرة ( السماعة ) التي يستعملها الأطباء اليوم في مختلف انحاء العالم.
قد كان موقف تلك المريضة هو من هدى تفكير الدكتور الفرنسي “رينيه لاينك” إلى ابتكار السماعة الطبية حيث تطورت من الأنبوبة الورقية الملفوفة على نفسها إلى أسطوانة وخشبية طولها قدم ولها أذينة مستدقة الطرف
* الشكل الجديد للسماعه الطبيه كان باختراع ارثر ليرد و جوريا كمان في عام 1851 م وانتجت بشكل تجاري في 1852 م والتي اصبحت اساسيه لكل طبيب.

رينيه لينك، طبيب فرنسي ولد في باريس عام 1781 وتوفي عام 1826، توفيت والدته وهو في السادسة من عمره بعد إصابتها بمرض السل الرئوي، والذي كان منتشراً في ذلك الوقت، كان والده وقتها يعمل في الجيش الفرنسي، ولم يكن قادراً على رعاية الطفل الذي فقد أمه، لذا قام عمه الطبيب بتعهده ورعايته والعناية به، لم يكن رينيه ذا صحة جيدة، حيث كان مصابا بالربو، وكثيراً ما كانت تأتيه نوبات إعياء استمرت معه طوال حياته. قام باختراع السماعة الطبية عام 1816، والتي تطورت فيما بعد لتصل إلى الشكل الذي نراها عليه اليوم، كما كانت له أبحاث أخرى مميزة في علم الأمراض. توفي وهو في الخامسة والأربعين من عمره، بعد إصابته بمرض السل الرئوي، وكانت وصيته الأخيرة قبل قليل من وفاته:  » أوصي بكل أبحاثي وكتبي العلمية إلى ابن أخي، كما أوصى له بساعتي وخاتمي، وفوق هذا كله أوصى له بأغلى شيء و أعظم شيء في تركتي ألا وهو سماعتي الطبية ». السماعة الطبية وتطورها قام رينيه لينك بصنع السماعة من الخشب، ثم في عام 1830 قام بيير بيوري بعمل تعديلات عليها، حيث قام بإضافة جزء من العاج إلى القطعة التي تتصل بالأذن، أما الخرطوم الخشبي فقد تم استبداله تقريباً في نفس الفترة، إذ تم استخدام خرطوم طري بدلاً منه، غير أنّ الجهاز الخشبي بقي منتشراً لعدة عقود. فيما بعد، وبعد تعديلات عدة عليها وصلت إلى حالها الذي نعرفه، والتي هي عبارة عن قطعتين توضعان في الأذنين، كل واحدة منهما متصلة بأنبوب مرن ينتهي بقطعة دائرية توضع على الصدر وتعمل على تضخيم صوت القلب ونقله إلى الأذنين. بصمة واحدة تغيير الكثير كانت البصمة التي تركها الطبيب رينيه ذات أثر عظيم، يضاف إلى سجل الاختراعات البشرية ذات القيمة الكبيرة، ولعل فيها درسًا وعبرة لكل فرد ينتمي إلى هذه البشرية، أن لا يستهين بما يقدم مهما بدا له صغيراً، فكل صغير يكبر، وكل فكرة قد تقود ثورة تغير الكثير وتدفع عجلة التقدم قدما خطوات وخطوات لتصنع التغيير.