اكتسب تناول الخضار النّيئة شهرةً كبيرة خلال السّنوات الأخيرة. فمن الواضح أنّ التّركيز على استهلاك الخضار النّيئة له فوائد صحّية جمّة بما أنّ اتّباع هذه الأسس الغذائية تدعو المُستهلك لتناول المزيد من الأغذية الطّازجة. وهذا ما يُعتبر بمثابة تحسّنٍ شامل يمسّ منظومتنا الغذائية مقارنةً بتناول الأغذية المُعالجة أو المأكولات السّريعة.

حسب التّوجه الفكري الذي يدعو لتناول الأغذية النّيئة؛ فإنّ تناول الأغذية في شكلها النّيء هو الخيار الأفضل على الإطلاق. ورغم كلّ ما سبق ذكره، توجد بعض أنواع الخضار التي تصبح أفضل من ناحية القيمة الغذائية بعد طبخها. إذ تحتوي بعض النّباتات على السّموم التي من شأنها الإضرار بصحّة أجسامنا عند تناولها نيئةً، ولكنّ تلك السّموم سرعان ما تُباد عن بكرة أبيها بمجرد طبخها. أمّا إذا تحدّثنا عن أنواع الخضار الأخرى التي لا تحتوي على المواد السّامة، فهي تصبح ذات نكهة أفضل وقيمة غذائية أكبر إذا ما أُكلت مطبوخةً. ومن هذا المُنطلق، ها نحن نضع بين أيديكم أعزّاءنا القرّاء 7 أغذية تصبح أفضل بعد طبخها – والتي قد يفاجئك وجود بعضٍ منها ضمن هذه القائمة:

البطاطا الحلوة
البطاطا الحلوة مصدرٌ جيّد وغنّيٌ بمادّة البيتا كاروتين – وصدّقوا أو لا تصدّقوا، تؤثّر طريقة تحضيركم للبطاطا الحلوة على مقدار المغذّيات التي تبقى متوفرة فيها. نوع الخضار هذا من أغنى المصادر الغذائية بفيتامين أي، حيث يبدو أنّ تحمير البطاطا الحلوة أو سلقها يساهم بدوره في مضاعفة كمّية هذا الفيتامين مقارنةً بالكمّية التي يحتويها هذا النّوع من الخضار في شكله النّيء.

الباذنجان
ينتمي الباذنجان إلى فصيلة الثلثان للنباتات الصّالحة للاستهلاك. إذ وبالإضافة لطعمه الحادّ إذا ما أُكل في شكله النّيء، يحتوي الباذنجان أيضًا على مركّب السولانين الذي يعيق امتصاص الجسم لمعدن الكالسيوم. هذا ويُنصح بأكل الباذنجان الناضج فقط وتمليحه قبل طبخه. حيث تساعد هذه الخطوة على التّخلص من طعمه الحادّ. يصبح الباذنجان لذيذًا بعد قليه في زيت الزيتون أو بعد تحميره في الفرن. يُذكر أنّ لهذا النّوع من الخضار سعرات حرارية قليلة وخصائص مضادة للأكسدة، وقد يحمل الباذنجان أيضًا بين ثناياه فوائد صحّية للقلب.

الهليون
يحتوي الهليون على تشكيلة واسعة من المُغذّيات القيّمة، ولكنّه يتميّز بصلابته وخشونته وبمذاقه المريع إذا ما أُكل نيئًا. أفضل طريقة لطبخ الهليون تتمثل في سلقه على الخفيف بماء مُغلّى لمدّة تتراوح بين دقيقتيْن وثلاث دقائق أو يطهى في مرق لمدة تتراوح بين ثلاث إلى خمس دقائق. يجب أن يكون الهليون طريًا ومتماسكًا في آنٍ واحد بعد طبخه وأن يحافظ على لونه الأخضر اليانع. يُمكنكم الاستمتاع بأكله ساخنًا أو باردًا.

الهليون نوعٌ من الخضار التي تتميّز بامتلاكها لكمٍّ مذهل من المُغذّيات. وهو غنّي على وجه الخصوص بفيتامين كي، الفولات، النّحاس وفيتامين بي1. كما يحتوي أيضًا على كمّيةٍ لا يُستهان بها من المغذّيات الأخرى على غرار السيلينيوم، فيتامين سي، إي، وفيتامين بي2، بالإضافة لمعدن المنغنيس، الفوسفور والبوتاسيوم. أظهر الهليون امتلاكه لفوائد مضادة للالتهابات والأكسدة. وما شدّ الانتباه إليه أكثر هو قدرته على تحسين صحّة الجهاز الهضمي، وصحّة القلب، وقدرته كذلك على ضبط مستويات السّكر في الدّم.

الفطر
في حين توجد العديد من الفطريات السّامة غير الصّالحة للاستهلاك والتي تنمو بشكلٍ عشوائي في أرجاء الطبيعة، إلّا أنّ معظم النّاس يظنون أنّ جميع الفطريات الأخرى الصالحة للأكل يُمكن تناولها سواءً كانت نيئةً أم مطبوخة. ولكن، تتكون الفطريات من جدران مايكوكيتين الخلوية التي لا يمكن لجهازنا الهضمي تحطيمها. والنّتيجة، هي رفض الجسم لهذا الغذاء بكلّ ما يحتويه من قيمة غذائية. إنّ طبخ الفطر؛ وبالأخّص في الزيوت الصحّية كزيت الزيتون مثلًا أو الزّبدة، يساعد في تطرية الفطر، ما يزيد بالتّالي في توفّر المغذّيات التي بداخله. إضافةً لذلك، تحتوي بعض أنواع الفطر على السموم التي قد تؤدي إلى تعرض الجسم لمشاكل هضمية إن أُكل نيئًا.

تذكّر عزيزنا القارئ أنّ الفطر المخلّل هو في الحقيقة فطر مطبوخ –من النّاحية الكيميائية. كما أنّ مزج الخلّ أو عصير الليمون مع الأعشاب والتّوابل له تأثيرٌ أيضًا على تطرية الفطر وتسهيل عملية هضمه.

في حين يوجد العديد من النّاس الذين يدّعون عدم وجود أيّ تأثيرات مرضية لتناول الفطر النّيء، إلّا أنّ هذا الادّعاء في واقع الأمر لا يزال مدعاةً للشكّ والريبة. إذ تحتوي عدّة أنواعٍ من الفطر على مركّبات الهيدرازين. وهي عبارة عن مركّبات كيميائية معروفة لدى العامّ والخاصّ على أنّها أحد مسبّبات مرض السّرطان. ولكنّ هذه المركّبات حسّاسةٌ جدًّا للحرارة ويُمكن تدميرها بفضل عملية الطبخ التي تجعل من تناول الفطر أمرًا صحّيًا وآمنًا.

الملفوف والخضار الصليبية
في حين يحتوي الملفوف والخضار الصليبية الأخرى على مغذّياتٍ قيّمة؛ نذكر من بينها تلك المستويات الجيّدة لفيتامينيْ سي وكي، إلّا أنّ هنالك بعض الدراسات التي تقول أنّ تناول الملفوف النّيء في السّلطة على أساسٍ منتظم قد لا تكون فكرةً صائبة بما أّنّه يحتوي على المواد الكيميائية التي من شأنها إعاقة وظائف الغدة الدرقية. من جهة أخرى، أظهرت الخضار الصليبية امتلاكها للعديد من القدرات المضادة للأكسدة والفوائد الصّحية. بطبخ الخضار لفترة وجيزة، يُمكنكم الاستمتاع بالعديد من فوائدها الغذائية من جهة، وبتقليص مستويات الغلوكوسنوليت التي تؤثّر سلبًا على وظيفة الغدة الدرقية من جهة ثانية. إن سبق لكم وأن عانيتم الأمرّيْن من المشاكل الصحية المتعلقة بالغدة الدرقية، فمن الحكمة إذن أن تتجنّبوا استهلاك الملفوف النيء.

الطماطم
الطماطم غذاءٌ متعدد الاستعمالات وهو مكوّنٌ ثابت في تحضير السلطات والسندويتشات. كما أنّها غنّية بالفيتامينات التي نذكر من بينها فيتامين أي، سي، كي، وبي، فضلًا عن المُغذّيات النباتية القيّمة الأخرى. بما أنّنا نعلم أنّ تعرّض فيتامين سي للحرارة يؤدي إلى تدميره حتمًا، فقد نعتقد أنّ تناول الطماطم نيئةً هي أفضل طريقة للاستفادة من المستويات العالية لهذا الفيتامين. ففي حين يبدو هذا الاعتقاد صحيحًا، إلّا أنّ الدراسات العلمية كانت قد أظهرت أنّ التّوفر البيولوجي للمغذّيات الأخرى يرتفع في الطماطم المطبوخة.

مادّة الليكوبين هي إحدى تلك المُغذّيات النباتية التي يزيد مستوى تركيزها في الطماطم المطبوخة. أظهر الليكوبين أنّ له قدرة كبيرة مضادةً للأكسدة، وهو يساعد في خفض التأثيرات المصاحبة للتقدّم في السّن، وله تأثيرٌ وقائي وعلاجي على العديد من أعضاء الجسم. ارتبط الليكوبين بتحسين صحّة القلب والأوعية الدموية والكلي، منع الإصابة بسرطان البروستات وتحسين صحّة العظام. يُذكر أنّ الطماطم المطبوخة أو معجون الطماطم يساعدان في تجنّب احتراق الجلد النّاتج عن التّعرض لأشّعة الشمس حسب ما خلُصت إليه آخر الدراسات.

الجزر
الجزر مثله مثل الطماطم؛ هو مكوّنٌ ثابت في العديد من المطابخ العالمية. ويحتوي على مستوياتٍ عالية من فيتامين أي، كما أنّه يخضع حاليًا للعديد من الدراسات الساعية لتسليط الضوء على قدراته العالية المضادة للأكسدة. أظهرت دراسة حديثة أنّ طبخ الجزر لفترة وجيزة يزيد من التوفّر البيولوجي للمغذّيات التي يحتويها. تعريض الجزر للحرارة يرفع بدوره من القيمة الغذائية والقدرات المضادة للأكسدة. وهذا لا يعني أنّ الجزر النّيء هو غذاءٌ عديم الفائدة. بل يُمكنكم دائمًا الاستمتاع بتناوله في السلطات والوجبات الخفيفة.

بما أنّنا قد أثبتنا أنّ الأغذية النّيئة ليست دائمًا هي الخيار الأفضل، وفي ظلّ بحث المزيد من الدراسات عن فوائد أنواع الأغذية وطرق تحضيرها، فبمقدورنا العثور إذن على طرق عديدة أكثر تخوّلنا فرصة الاستمتاع بأغذيتنا المفضّلة والتّنعم بقيمتها الغذائية.